June 13, 2007

أصابع الحب المحروقة




كنت جالساً أسجل كلماتها في ذاكرة عقلي ... أرسم من عيونها نافذة لمستقبلي... أطرب بنغمات صوتها التي ما زالت عالقةً في أذني... إلى أن جاء ذلك الرنين المزعج ليقطع تلك النغمات ويحولها إلى جمود الآلات ، عندما رددت كان الصوت أكثر إزعاجاً ... إنه صاحب البيت الذي سأشتريه يريد مني الإسراع في الدفع ، أغلقت الهاتف وماهي إلا لحظات حتى سمعتُ ذلك الصوت من جديد ، لكن هذه المرة كان الصوت أشبه بقطرات ماءٍ عذبة تدفقت لتسقي إنسانٌ عطش ... إنه صوتها لكن لم تدعْ لي الكثير من الوقت لأقرأ لها قصيدتي التي رسمت تفاصيلها من وحي جمالها . قالت لي : أنا الآن في عجلة لكن أريدك لأمرٍ هامٍ بعد ساعة في المكان الذي نلتقي به دائماً ... وداعاً.
أغلقتُ الهاتف ولم أهتم كثيراً لما قالت فمهما كانت أهمية الموضوع فلن تتجاوز رقتها وبساطتها . بعد لحظات قليلة ذهبتُ لأجهزَ نفسي وأسابقُ تلك الدقائق البطيئة حتى لا أتخر على ذلك الوجه المليء بمعادلات سحرٍ عجزن عن حل مجاهيلها ... خرجتُ من البيت وذهبتُ إلى المكان الذي احتضن الكثير من ذكرياتنا بما فيها من صفحاتٍ سعيدة وسطورٍ لمشاجراتٍ صبيانية ، انتظرتُ بضع دقائق ككل مرة إلى أن جاءت بخطواتها السريعة على غير العادة وبلون وجهٍ طغى على حمرة وجنتيها . جلَسَتْ واعتذَرَتْ على التأخير ... لسانها لم يستطع التعبير ... وكلماتها احتاجت لتحرير.
جاءت بحروفٍ لم تستطع إطلاقها لكن العيون لا تقدر على إخفائها،

قلتُ لها : ما بكِ؟
لم يكن السؤال صعب
ولكن الجواب كان أصعب مما تخيلت

اخترقتني نظراتها بحزم ... لملمت كلماتها العزم ... استخدمَتْ صيغة الجزم

وقالت : لا تسأل وليكن اليوم آخر لقاءٍ لنا ... لن تراني بعد اليوم ولا تلقي علي اللوم... لقد اخترت وهذا ما قررت

قلتُ لها : وقصتنا
ردَتْ : غداً سأسافر وأترك لك قصتنا على صفحات الدفاتر.... لن أقرأها ولا تحاول أنت كتابتها من جديد
سادت لحظات صمتٍ... خوفٍ ... وترقب ، ثم رأيتها تقفُ محاولة إقناعي بأنها قوية وأن دموعي بلا أهمية... تمشي مبتعدة بخطوات ٍ مترددة تلتفت إلي

وتقول : إن الإنسان يبتعد أحياناً ليقترب أكثر

لم أفهم لماذا قالت ذلك ؟ كيف استطاعت أن تكون تلك النسمة الرقيقة رياحاً قوية تهاجمني وتسلبني كل ما أملك ؟ ذَهبتْ ولم أراها بعد تلك الجملة الأخيرة ... جلست أفكر ساعات ٍ وأيام ٍ وسنين ... أراجع الأحداث ... أقرأ البداية والنهاية ... أبحث بما وراء التفاصيل ... أحاول أن أجد الخطأ من دون جدوى إلى أن جاء ذلك اليوم بعد خمس سنوات
قرع الجرس ليكسر هدوء المأساة ، فتحت الباب متأملاً أن أجدها عائدة ً من سفر ٍ قد طال ، لكن ما في البال لم يكن هو الحال . لم أجد إلا رسالة ومغلف قديم ، أيقنت في تلك اللحظة أنني سأجد الحل لذلك اللغز ، نظرت إلى المغلف فرأيت جملة تقول ( اقرأ الرسالة أولاً ) فتحت تلك الرسالة

وبدأت بالقراءة وكان فيها :( عندما تصِلك هذه الرسالة فاعلم أنني قد رحلت ُ عن هذه الدنيا ... تذكر كلماتي التي قلتها لك في لقائنا الأخير لقد كان السبب فيها هو هذا المغلف .... أتذكر عندما ذهبنا لإجراء ذلك الفحص التقليدي لم يكن بالنسبة لقصتنا عادي ... اكتشفت ُ أنني بالإيدز مصابة .... لم أعرف كيف وصل إلي ولكن كان المهم أن لا أوصله اليك ... لم أرد أن تعرف في ذلك الوقت حتى لا تضحي من أجل لاشيء ... أنا الآن راحلة ولكن تذكر إن الإنسان يبتعد أحياناً ليقترب أكثر.)انتهى
انتهتْ الرسالة وابتدأت الدموع ... لقد اكتشفَتْ أنها مريضة ولم تفكر إلا بسعادتي ، لكنها نسيَت ْ أن تنظر إلى نتيجة فحصي ... لو نظرَت ْ لعرَفَت ْ كم كنت ُ أنانياً ... لو سألت ْ لعلِمَت ْ أنني مصاب ٌ بالتلاسيميا ... أنا لم أكن شجاعاً ... احتفَظتُ بالأمر لنفسي كي لايغيقَ زواجنا ... ظننتُ أنه ليس مهماً أما هي نسِيَت نفسها وفضلت الإبتعاد مع تلك اللحظات لتكتب سطور قصةٍ لم تسجل في أساطير الحب ... قصة مجرم أناني قتل الحروف الأولى وزهرة نرجس تساقطت أوراقها على تلك الحروف ليُغلِقَ رحيلها الستار وتسقط ُ كلمة

النهاية
.............

2 comments:

Anonymous said...

Gostei muito desse post e seu blog é muito interessante, vou passar por aqui sempre =) Depois dá uma passada lá no meu site, que é sobre o CresceNet, espero que goste. O endereço dele é http://www.provedorcrescenet.com . Um abraço.

Anonymous said...

Hello. This post is likeable, and your blog is very interesting, congratulations :-). I will add in my blogroll =). If possible gives a last there on my blog, it is about the Projetores, I hope you enjoy. The address is http://projetor-brasil.blogspot.com. A hug.